الزي المصري عبر العصور
تعد
الأزياء مظهراً من مظاهر الحضارة والثقافة لمعظم دول العالم، كما أنها
إحدى العلامات المؤثرة التي تعطي انطباعاً حقيقياً عن شخصية الفرد بشكل خاص
والمجتمع بشكل عام، ومع مرور الوقت تغيرت وتنوعت الأزياء بخطوطها وألوانها
وأبعادها لتواكب التطور الثقافي والاقتصادي للمجتمع، ففي القرنين التاسع
عشر والعشرين الميلاديين نجد أن الملابس وأدوات الزينة التي كان يرتديها
المصريون ماهي إلا عادات متوارثة من أجدادهم وأدخل عليها بعض التطورات التي
كانت تناسب كل عصر.
وسنعرض
معاً بعض مسميات الأزياء التي كانت مستخدمة في القرن التاسع عشر الميلادي
ومنها الشنتيان وهي كلمة تركية مشتقة من الكلمة الفارسية (شلوار) وتتكون من
شطرين (شل) بمعني الفخذ، وكلمة (وار) بمعني الشبيه، وبهذا يكون معناها
الأصلي الشبيه بالفخذ، ثم انتقل من بلاد فارس إلى العرب وأطلق عليه
(سروال)، وأصبح لباساً رئيساً لنساء ورجال ذلك العصر بجميع طبقاته. وكان
هناك أيضاً (القميص) الذي كان يرتديه الرجال والنساء فوق السروال، ويختلف
في قماشه وتطريزه باختلاف الطبقات.
ثم
ارتدت المرأة فوق القميص والشنتيان (السروال) ثوباً طويلاً يعرف
بـ(الليلك) وهو من أصل تركي أدخله إلى المشرق العربي الوالي إبراهيم باشا
بن محمد علي خلال الفترة من 1831 إلى 1841، ويعد من الملابس التي ترتديها
النساء داخل المنزل، ويشبه قفاطين الرجال ولكن يضغط على الجسم والذراعين
ضغطاً أشد ومفتوح من الأمام ويحتوي على أزرار تتلو بعضها بعضاً من فوق إلى
تحت الحزام، ومفتوح من الجانبين بداية الخصر إلى أسفل.
وكانوا
يرتدون رداء منزلياً آخر يسمي (الجبة)، وكانت مخصصة للرجال في العصر
المملوكي وبخاصة الفقهاء والكتاب، وبعد ذلك شاع استخدامها بين النساء بداية
من العصر العثماني وبخاصة نساء الطبقة العليا والوسطى، فالجبة رداء مفتوح
من الأمام ولا تقفل وليس بها عراو أو أزرار، كما تتميز فتحه الرقبة بصغرها،
ووجد للجبة نماذج مختلفة من حيث شكل الأكمام ونوعية الأقمشة سواء الصيفية
أو الشتوية، وظلت النساء يرتدين هذه الجبة حتى قبل الحرب العالمية الثانية،
مع مرور الوقت تطورت وأصبحت تسمى بالبالطو (المعطف).
كما
ظهرت السلطة وهي كلمة تشير إلى سترة تكتب (سلته) في كثير من المراجع لبسها
الرجال والنساء على حد سواء، وهي ثوب مطرز بنفس تطريز الجبة.
وأيضاً
ارتدت النساء الحزام الذي احتل مكانة مهمة في ملابس المرأة منذ العصر
العثماني ويكاد لا يخلو أي ملبس منه، وكان له أشكال متعددة، ومختلفة من حيث
العرض والطول والزخرفة ونوع القماش.
أما
عن لباس المرأة عند الخروج من المنزل فنذكر منها الفراجية التي كان لها
كمان واسعان طويلان يتجاوزان قليلاً أطراف الأصابع، وكان هناك تشابه بين
الفراجية الخاصة بالرجال والنساء إلا أن فراجية النساء كانت مختلفة في
فتحات الكم كما كانت أضيق قليلاً.
وأيضا
كان يوجد ما يسمى بالحبرة، وهي ابتكار عثماني لم يكن شائعاً في مصر قبل
ذلك، وهي قطعة كبيرة مربعة من القماش ويغطى بها الوجه كله ماعدا العينين،
ومزودة في الطرف العلوي برباط رفيع لتربطه المرأة خلف رأسها لتثبتها وتكون
حبرة المتزوجات سوداء، أما حبرة الفتيات فإنها بيضاء اللون.
أما نساء الطبقة الدنيا فكن يرتدين حبرة مصنوعة من القطن الأزرق وتسمى بـ(الملاءة).
وكان هناك أيضاً ما يسمى بـ(السبلة) وهي عبارة عن قميص من الحرير الأسود وأكمامها طويلة ومتسعة قد تصل إلى قدمين.
أما
عن (اليشمك) فهو تركي الأصل واستخدم كغطاء للوجه لنساء الطبقات العليا،
وكان يقابله البرقع للطبقات الوسطى، وكانت تظهر منه العينان فقط (وهو ما
يشبه النقاب حالياً)، وقد ارتبطت الحبرة واليشمك معاً كزي للخروج للمرأة
تحت اسم (التزييرة).
أما عن أغطية
الرأس فنجد أن المرأة المصرية بقيت حتى الربع الأول من القرن العشرين تعصب
رأسها بما يسمى بالبشكير أو منديل أويا، وهو عبارة عن منديل مربع الشكل
مصنوع من أقمشة مطرزة ذات ألوان وزخارف مختلفة، كما استخدمت المرأة المصرية
الطرحة التي قد تكون سوداء أو بيضاء أو مزخرفة ببعض الرسوم.
وأيضاً
من أغطية الرأس وجدت الطواقي وهي كلمة من أصل فارسي لبست أيام المماليك ثم
انتشرت بين نساء الطبقة العليا في العصر العثماني وأطلقوا عليها هوتوز.
واختلفت
أشكالها وتعددت ألوانها وخاماتها، كما انتشرت (العمامة) التي ارتداها
الرجال والنساء في العصر العثماني، فهي عبارة عن طاقية يلف حولها منديل من
القماش الحرير المزركش، يثبت في مقدمتها قطعة مستديرة من الذهب أو مرصعة
بالأحجار الكريمة.
أما عن لباس
القدم فارتدت المرأة في أرجلها حذاء يسمينه (المزد)، وهذه الكلمة مأخوذة من
الكلمة التركية مست، وهو مصنوع من الجلد الأصفر أو القطيفة المشغولة
بالحرير، ولا حافة له من الخلف، وكان يقوم هذا المزد في أقدام النساء مقام
الجوارب لأنهن يبقينه بأقدامهن أثناء جلوسهن على الدواوين والسجاجيد، وإذا
أردن الخروج كن يلبسن نوعاً من الأحذية يسمى (الباجوج) وهو حذاء من الجلد
الأصفر أو الأحمر طرفه دقيق ملتو إلى الأعلى، كان يستعمله الرجال كما
تستعمله النساء، كذلك كانت هناك أنواع أخرى من الأحذية مثل المركوب
والقباقيب الخشبية المرتفعة أربعة أو خمسة إنشات عن الأرض والمزينة باللؤلؤ
أو الفضة.
ولكن مع مرور الوقت
تخلت النساء عن لبس الحبرة واستعاضت المرأة عنها بطرحة من لون أسود أو كحلي
داكن تسمى البيشة، وقد أخذت هي الأخرى تتناقص من حيث الطول وتقل من حيث
الضخامة، فالتطور الذي حدث في مصر سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو
اجتماعياً أو ثقافياً أو فنياً شمل أيضاً تلك الأزياء.
ويمكن
القول بأن التطور الحقيقي في الأزياء المصرية، بدأ عام 1840 حين أصدر
السلطان العثماني عدة أوامر حرم فيها بعض الملابس على الرجال، حيث كانوا
متشبهين فيها بالزي المملوكي وبخاصة رجال الجيش والموظفين، ومن ثم وجدت
النساء فرصتهن في تغيير ملابسهن بعض الشيء خصوصاً بعد تسرب الذوق والثقافة
الفرنسية بصفة خاصة والأوروبية بصفة عامة.
وذلك
عند قدوم المدعوات الأوروبيات وعلى رأسهن الإمبراطورة (أوجيني) عام 1869
لقناة السويس بملبسها الأوروبي الفاخر، فكان هذا الاحتفال سبباً في ظهور
موضة الملابس الأوروبية في مصر، ومنذ ذلك الحين بدأ التقليد والتطلع
للموضات الأوروبية ومحاكاتها في كل جديد ومبتكر وأخذت تنتشر شيئاً فشيئاً.
وأصبحت
النساء يرتدين داخل منازلهن الجلايب والفساتين المفصلة على الموضات
الغربية ويضعن الطرح البسيطة على رؤوسهن ويلبسن الجوارن في أرجلهن، وفوقها
الشباشب، ولكن من الملاحظ أنه رغم هذا التغير فقد ظللن محتفظات بالشكل
الشرقي العام فتمسكن بالحبرة واليشمك فوق تلك الملابس الجديدة خارج المنزل
إلى أن انتهى هذا التقليد قبل نهاية الربع الأول من القرن العشرين.
أما
عن أزياء الرجال فمنها القميص المعروف منذ العصر العثماني ذو الأكمام
الواسعة، ويكون أبيض اللون يرتديه الرجال فوق السروال الذي يوجد في وسطه
حبل مبروم، كما ارتدى الرجال ما يسمى بالقفطان وهو رداء قديم الأصل أتى من
آسيا، طويل مفتوح من الأمام ويزرر وله أكمام طويلة وكان يصنع من خامات
متعددة، وغالباً ما يطوق القفطان بحزام عبارة عن شال ملون أو ثوب طويل من
الموسلين الأبيض المزين وهذا هو الطراز البدائي للمعطف الأوروبي ولكن مع
مرور الوقت أصبح القفطان من الملابس التي هجرها المتعلمون في عصر إسماعيل
واستبدلوها بالأزياء الأوروبية.
وكذلك
ارتدى الرجال (الجبة) في العصر العثماني، وهي عبارة عن رداء طويل مختلف
الألوان لا تصل أكمامه على مستوى الرسغ تماماً، وهناك من كان يرتدي (البنش)
وهو رداء من القماش أكمامه كأكمام القفطان وإن كان أكثر اتساعاً، وكان
المصريون يرتدونه في المناسبات فوق الرداء الخارجي، وكان العديد من الرجال
يرتدونه عوضاً عن الجبة، كذلك كان هناك رداء آخر يعرف بالفرجية يشبه البنش
ولكن كان حكراً على رجال الفكر والتعليم.
ومع
مرور الوقت تطور زي الرجال فلبسوا اللباس الغربي الذي يرتديه رجال تركيا
في ذلك الحين حتى إن الخديوي إسماعيل كان يخرج لابساً إسطنبولية بسيطة، وهي
سترة ذات ياقة ضيقة ويتم تزريرها من أعلى إلى أسفل ومن تحتها القميص
الإفرنجي والصديري والبنطلون وتركوا المزد والمركوب واحتذوا بأحذية غربية
ومن تحتها جوارب وكانوا يضعون الطرابيش فوق رؤوسهم.
وأيضاً
يجب أن لا نغفل أدوات الزينة التي كانت ترتديها وتتزين بها النساء في ذلك
العصر ونذكر منها القرص وهو ذو شكل دائري يثبت في أعلى الطربوش وكان يصنع
من الألماس أو الذهب.
كما كانت
المرأة تزين رأسها بما يسمى بـ (القصة) والتي استخدمت كحلية لمقدمة الرأس
وكذلك (العنبة) مثلها مثل القصة ولكنها أكبر حجماً، أو قد تستبدلهما
بـ(القمرة) وهي أيضاً حلية توضع على مقدمة الرأس، وهي عبارة عن صفيحة ذهبية
رقيقة تتدلى منها قطع ذهبية مسطحة تعرف بـ(البرق) وتحتوي هذه القمرة كلمات
عربية مثل (يا كافي يا شافي)، (يا حافظ) وكانت تستخدم للزينة أو التبرج أو
كتمائم تقيهن من الشرور.
أما
الأقراط فهي نوع من الحلي تتزين به النساء ويتدلى من الأذنين وهي عادة
فرعونية قديمة ترجع إلى الأسرة الثانية عشرة ولكن مع مرور الوقت تنوعت في
الأشكال والأحجام والمواد المصنوعة منها، وكذلك استخدام العقد كحلي يحيط
الرقبة.
من خلال العرض السابق نجد
أن الأزياء وأدوات الزينة قديماً لم تكن مثل ماهي الآن، مع أن الكثير منها
مازال موجوداً بنفس المسميات ولكن اختلف في هيئته عما كان عليه قديماً.
أما البعض الآخر فلم يعد يستعمل وهذا نتيجة التأثير الغربي والتبادل
الثقافي والحضاري بين الدول فأصبحت الملابس خفيفة بسيطة تتيح للإنسان سهولة
الحركة، وفي عصرنا الحديث لم يعد لكل شعب زيه الخاص فالطبقات العليا
والمتوسطة تكاد تتشابه أزياؤها وأدوات زينتها في كل بلاد العالم، أما عامة
الشعوب فلكل منها طابع يميزها عن غيرها وهذه ما يطلق عليها (الأزياء
الشعبية).
وسنعرض
معاً بعض مسميات الأزياء التي كانت مستخدمة في القرن التاسع عشر الميلادي
ومنها الشنتيان وهي كلمة تركية مشتقة من الكلمة الفارسية (شلوار) وتتكون من
شطرين (شل) بمعني الفخذ، وكلمة (وار) بمعني الشبيه، وبهذا يكون معناها
الأصلي الشبيه بالفخذ، ثم انتقل من بلاد فارس إلى العرب وأطلق عليه
(سروال)، وأصبح لباساً رئيساً لنساء ورجال ذلك العصر بجميع طبقاته. وكان
هناك أيضاً (القميص) الذي كان يرتديه الرجال والنساء فوق السروال، ويختلف
في قماشه وتطريزه باختلاف الطبقات.
ثم
ارتدت المرأة فوق القميص والشنتيان (السروال) ثوباً طويلاً يعرف
بـ(الليلك) وهو من أصل تركي أدخله إلى المشرق العربي الوالي إبراهيم باشا
بن محمد علي خلال الفترة من 1831 إلى 1841، ويعد من الملابس التي ترتديها
النساء داخل المنزل، ويشبه قفاطين الرجال ولكن يضغط على الجسم والذراعين
ضغطاً أشد ومفتوح من الأمام ويحتوي على أزرار تتلو بعضها بعضاً من فوق إلى
تحت الحزام، ومفتوح من الجانبين بداية الخصر إلى أسفل.
وكانوا
يرتدون رداء منزلياً آخر يسمي (الجبة)، وكانت مخصصة للرجال في العصر
المملوكي وبخاصة الفقهاء والكتاب، وبعد ذلك شاع استخدامها بين النساء بداية
من العصر العثماني وبخاصة نساء الطبقة العليا والوسطى، فالجبة رداء مفتوح
من الأمام ولا تقفل وليس بها عراو أو أزرار، كما تتميز فتحه الرقبة بصغرها،
ووجد للجبة نماذج مختلفة من حيث شكل الأكمام ونوعية الأقمشة سواء الصيفية
أو الشتوية، وظلت النساء يرتدين هذه الجبة حتى قبل الحرب العالمية الثانية،
مع مرور الوقت تطورت وأصبحت تسمى بالبالطو (المعطف).
كما
ظهرت السلطة وهي كلمة تشير إلى سترة تكتب (سلته) في كثير من المراجع لبسها
الرجال والنساء على حد سواء، وهي ثوب مطرز بنفس تطريز الجبة.
وأيضاً
ارتدت النساء الحزام الذي احتل مكانة مهمة في ملابس المرأة منذ العصر
العثماني ويكاد لا يخلو أي ملبس منه، وكان له أشكال متعددة، ومختلفة من حيث
العرض والطول والزخرفة ونوع القماش.
أما
عن لباس المرأة عند الخروج من المنزل فنذكر منها الفراجية التي كان لها
كمان واسعان طويلان يتجاوزان قليلاً أطراف الأصابع، وكان هناك تشابه بين
الفراجية الخاصة بالرجال والنساء إلا أن فراجية النساء كانت مختلفة في
فتحات الكم كما كانت أضيق قليلاً.
وأيضا
كان يوجد ما يسمى بالحبرة، وهي ابتكار عثماني لم يكن شائعاً في مصر قبل
ذلك، وهي قطعة كبيرة مربعة من القماش ويغطى بها الوجه كله ماعدا العينين،
ومزودة في الطرف العلوي برباط رفيع لتربطه المرأة خلف رأسها لتثبتها وتكون
حبرة المتزوجات سوداء، أما حبرة الفتيات فإنها بيضاء اللون.
أما نساء الطبقة الدنيا فكن يرتدين حبرة مصنوعة من القطن الأزرق وتسمى بـ(الملاءة).
وكان هناك أيضاً ما يسمى بـ(السبلة) وهي عبارة عن قميص من الحرير الأسود وأكمامها طويلة ومتسعة قد تصل إلى قدمين.
أما
عن (اليشمك) فهو تركي الأصل واستخدم كغطاء للوجه لنساء الطبقات العليا،
وكان يقابله البرقع للطبقات الوسطى، وكانت تظهر منه العينان فقط (وهو ما
يشبه النقاب حالياً)، وقد ارتبطت الحبرة واليشمك معاً كزي للخروج للمرأة
تحت اسم (التزييرة).
أما عن أغطية
الرأس فنجد أن المرأة المصرية بقيت حتى الربع الأول من القرن العشرين تعصب
رأسها بما يسمى بالبشكير أو منديل أويا، وهو عبارة عن منديل مربع الشكل
مصنوع من أقمشة مطرزة ذات ألوان وزخارف مختلفة، كما استخدمت المرأة المصرية
الطرحة التي قد تكون سوداء أو بيضاء أو مزخرفة ببعض الرسوم.
وأيضاً
من أغطية الرأس وجدت الطواقي وهي كلمة من أصل فارسي لبست أيام المماليك ثم
انتشرت بين نساء الطبقة العليا في العصر العثماني وأطلقوا عليها هوتوز.
واختلفت
أشكالها وتعددت ألوانها وخاماتها، كما انتشرت (العمامة) التي ارتداها
الرجال والنساء في العصر العثماني، فهي عبارة عن طاقية يلف حولها منديل من
القماش الحرير المزركش، يثبت في مقدمتها قطعة مستديرة من الذهب أو مرصعة
بالأحجار الكريمة.
أما عن لباس
القدم فارتدت المرأة في أرجلها حذاء يسمينه (المزد)، وهذه الكلمة مأخوذة من
الكلمة التركية مست، وهو مصنوع من الجلد الأصفر أو القطيفة المشغولة
بالحرير، ولا حافة له من الخلف، وكان يقوم هذا المزد في أقدام النساء مقام
الجوارب لأنهن يبقينه بأقدامهن أثناء جلوسهن على الدواوين والسجاجيد، وإذا
أردن الخروج كن يلبسن نوعاً من الأحذية يسمى (الباجوج) وهو حذاء من الجلد
الأصفر أو الأحمر طرفه دقيق ملتو إلى الأعلى، كان يستعمله الرجال كما
تستعمله النساء، كذلك كانت هناك أنواع أخرى من الأحذية مثل المركوب
والقباقيب الخشبية المرتفعة أربعة أو خمسة إنشات عن الأرض والمزينة باللؤلؤ
أو الفضة.
ولكن مع مرور الوقت
تخلت النساء عن لبس الحبرة واستعاضت المرأة عنها بطرحة من لون أسود أو كحلي
داكن تسمى البيشة، وقد أخذت هي الأخرى تتناقص من حيث الطول وتقل من حيث
الضخامة، فالتطور الذي حدث في مصر سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو
اجتماعياً أو ثقافياً أو فنياً شمل أيضاً تلك الأزياء.
ويمكن
القول بأن التطور الحقيقي في الأزياء المصرية، بدأ عام 1840 حين أصدر
السلطان العثماني عدة أوامر حرم فيها بعض الملابس على الرجال، حيث كانوا
متشبهين فيها بالزي المملوكي وبخاصة رجال الجيش والموظفين، ومن ثم وجدت
النساء فرصتهن في تغيير ملابسهن بعض الشيء خصوصاً بعد تسرب الذوق والثقافة
الفرنسية بصفة خاصة والأوروبية بصفة عامة.
وذلك
عند قدوم المدعوات الأوروبيات وعلى رأسهن الإمبراطورة (أوجيني) عام 1869
لقناة السويس بملبسها الأوروبي الفاخر، فكان هذا الاحتفال سبباً في ظهور
موضة الملابس الأوروبية في مصر، ومنذ ذلك الحين بدأ التقليد والتطلع
للموضات الأوروبية ومحاكاتها في كل جديد ومبتكر وأخذت تنتشر شيئاً فشيئاً.
وأصبحت
النساء يرتدين داخل منازلهن الجلايب والفساتين المفصلة على الموضات
الغربية ويضعن الطرح البسيطة على رؤوسهن ويلبسن الجوارن في أرجلهن، وفوقها
الشباشب، ولكن من الملاحظ أنه رغم هذا التغير فقد ظللن محتفظات بالشكل
الشرقي العام فتمسكن بالحبرة واليشمك فوق تلك الملابس الجديدة خارج المنزل
إلى أن انتهى هذا التقليد قبل نهاية الربع الأول من القرن العشرين.
أما
عن أزياء الرجال فمنها القميص المعروف منذ العصر العثماني ذو الأكمام
الواسعة، ويكون أبيض اللون يرتديه الرجال فوق السروال الذي يوجد في وسطه
حبل مبروم، كما ارتدى الرجال ما يسمى بالقفطان وهو رداء قديم الأصل أتى من
آسيا، طويل مفتوح من الأمام ويزرر وله أكمام طويلة وكان يصنع من خامات
متعددة، وغالباً ما يطوق القفطان بحزام عبارة عن شال ملون أو ثوب طويل من
الموسلين الأبيض المزين وهذا هو الطراز البدائي للمعطف الأوروبي ولكن مع
مرور الوقت أصبح القفطان من الملابس التي هجرها المتعلمون في عصر إسماعيل
واستبدلوها بالأزياء الأوروبية.
وكذلك
ارتدى الرجال (الجبة) في العصر العثماني، وهي عبارة عن رداء طويل مختلف
الألوان لا تصل أكمامه على مستوى الرسغ تماماً، وهناك من كان يرتدي (البنش)
وهو رداء من القماش أكمامه كأكمام القفطان وإن كان أكثر اتساعاً، وكان
المصريون يرتدونه في المناسبات فوق الرداء الخارجي، وكان العديد من الرجال
يرتدونه عوضاً عن الجبة، كذلك كان هناك رداء آخر يعرف بالفرجية يشبه البنش
ولكن كان حكراً على رجال الفكر والتعليم.
ومع
مرور الوقت تطور زي الرجال فلبسوا اللباس الغربي الذي يرتديه رجال تركيا
في ذلك الحين حتى إن الخديوي إسماعيل كان يخرج لابساً إسطنبولية بسيطة، وهي
سترة ذات ياقة ضيقة ويتم تزريرها من أعلى إلى أسفل ومن تحتها القميص
الإفرنجي والصديري والبنطلون وتركوا المزد والمركوب واحتذوا بأحذية غربية
ومن تحتها جوارب وكانوا يضعون الطرابيش فوق رؤوسهم.
وأيضاً
يجب أن لا نغفل أدوات الزينة التي كانت ترتديها وتتزين بها النساء في ذلك
العصر ونذكر منها القرص وهو ذو شكل دائري يثبت في أعلى الطربوش وكان يصنع
من الألماس أو الذهب.
كما كانت
المرأة تزين رأسها بما يسمى بـ (القصة) والتي استخدمت كحلية لمقدمة الرأس
وكذلك (العنبة) مثلها مثل القصة ولكنها أكبر حجماً، أو قد تستبدلهما
بـ(القمرة) وهي أيضاً حلية توضع على مقدمة الرأس، وهي عبارة عن صفيحة ذهبية
رقيقة تتدلى منها قطع ذهبية مسطحة تعرف بـ(البرق) وتحتوي هذه القمرة كلمات
عربية مثل (يا كافي يا شافي)، (يا حافظ) وكانت تستخدم للزينة أو التبرج أو
كتمائم تقيهن من الشرور.
أما
الأقراط فهي نوع من الحلي تتزين به النساء ويتدلى من الأذنين وهي عادة
فرعونية قديمة ترجع إلى الأسرة الثانية عشرة ولكن مع مرور الوقت تنوعت في
الأشكال والأحجام والمواد المصنوعة منها، وكذلك استخدام العقد كحلي يحيط
الرقبة.
من خلال العرض السابق نجد
أن الأزياء وأدوات الزينة قديماً لم تكن مثل ماهي الآن، مع أن الكثير منها
مازال موجوداً بنفس المسميات ولكن اختلف في هيئته عما كان عليه قديماً.
أما البعض الآخر فلم يعد يستعمل وهذا نتيجة التأثير الغربي والتبادل
الثقافي والحضاري بين الدول فأصبحت الملابس خفيفة بسيطة تتيح للإنسان سهولة
الحركة، وفي عصرنا الحديث لم يعد لكل شعب زيه الخاص فالطبقات العليا
والمتوسطة تكاد تتشابه أزياؤها وأدوات زينتها في كل بلاد العالم، أما عامة
الشعوب فلكل منها طابع يميزها عن غيرها وهذه ما يطلق عليها (الأزياء
الشعبية).
تعليقات
إرسال تعليق